الكهنوت مهنة أم رسالة؟
"يا أخي بدنا نعيش"، "هالزمن مش متل الزمن القديم"، "ما همون إلا المصاري وما بيحكوا إلا فيّا".... والكثير من الدردشات التي نسمعها حيناً ونرددها حيناً آخر بين بعضنا البعض، نثرثر ولا تنتهي الثرثرة، ونعدّ نفايتنا حديثاً. في سائر الأحيان لست هنا لأدين أحداً ولا لأتسلط على أحد وأفرض عليه رأيي- لأنني كثيراً ما وقعت في نفس الأخطاء والعثرات- بل أنا هنا لأساءل نفسي أولاً عن السبب الذي يدفع الناس والكهنة إلى مثل هكذا أحاديث وأقاويل. "لا تعبدوا ربين" لأن العبادة تقتضي المحبة والمحبة تسوق إلى التضحية، فعندما يبدأ الإنسان بإشراك المال في العبادة (وهذا ما يحدث في كنيستنا اليوم)، يكون على طريق عبادة المال و التخلي عن عبادة الله. وعبادته هذه تنتج عن حبّه الفائض للمال واهتمامه به إلى حدّ تقديسه. ما يحدث اليوم في كنيستنا من طرق جهنمية نجمع بها مال الشركة، قد يؤدي إلى الكثير من الخلل والخطأ. فعندما نشاهد البعض يقوم بعدّ نقوده أمامنا قد يسيل لعابنا أو يتلعثم لساننا أو أقله يتشتت ذهننا، وعندما " نلّم" الصينية خلال الكلام الجوهري أو خلال الصلاة الربانية أو تسبحة والدة الإله، نكون أكثر الناس خطيئة وشراً. لست أقول بعدم جمع المال أبداً وإنما أقول بتصحيح الطريقة المتبعة حالياً والتي إن دلّت على شيء دلّت على ماديتنا وأرضيتنا ونحن بين الملائكة محاطين بالشيروبيم والسيرافيم. كيف نطرح عنا كلّ اهتمام دنيوي لنستقبل ملك المجد؟ ومن هو ملك المجد؟ هل هو السّلة التي تمرّ أمامنا بدورتها الكبرى حيناّ والصغرى أحياناً (حسب عدد الناس في الكنيسة)، أم أنه الكأس المقدسة؟؟؟؟ هل يصبح الكهنوت مهنة هذا الزمان لدرجة قول البعض "عمول خوري أحسلّك بتجبلك مرسيدس". وما هو الكهنوت أصلاً إلا رسالة إلهية يقوم بها إلهيون، همّهم الوحيد إصعادنا قدماً نحو الله عبر إقامة الصلوات والقداديس. الكهنوت أقدس رسالة يقوم بها إنسان، لأنه يلبس الحلّة الأولى التي لبسها السيد إذ أصبح كاهناً إلى الأبد على رتبة ملك صادق. الكهنوت إنما هو السلم المصعدة إيانا من الأرض إلى السماء، إنه العلّيقة الملتهبة التي تحمل الحمل بين يديها وتذبحه من أجل حياة العالم لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به... وما الكهنوت إلا رسالة كاهن قديس نذر نفسه للرب، أخذ الوديعة ليحفظها للحياة الأبدية، لأنه سيُسأل عنها. الكاهن على الأرض والملاك بين الملائكة، الرجل فوق المذبح والنار الصاعدة إلى السماء. هذا هو الكاهن الذي عرفته يوماً ما هذا هو الكاهن الذي ما زلت أبحث عنه في الأديار والكنائس، هذا هو الكاهن الذي يرتضي أن يعيش