الإنسان والسياسة
وهذه هي الدينونة، أن النور جاء إلى العالم والناس أحبوا الظلمة على النور لأن أعمالهم كانت شريرة. (يو 3: 19)
اعتقدت نفسي كاتباً، لكنني كنت على خطأ، ثمّ افتكرت أنني بقارئ لكن ظني لم يكن بمحلّه، قلت لربّما كنت بمعلمٍ، لكنني ما زلت تلميذاً.... نظرت إلى فوق علّي أكون مؤمناً لكن لو كان لي ذرّة إيمان....
أنا لا أفهم السياسة، ولا أفقه طرقها، لا أتتبع أخبارها ولا أتطلع لمستقبل فيها. السياسة لها أربابها، معلميها، كتابها، وأيضاً لها من يؤمن بها. منذ أن خلق الله الإنسان، جعل له سلطة وقدرة، لأنه على صورته خُلق، لكن الله ليس بمتعدد الأوجه، هو هو، أمس واليوم وإلى الأبد. الناس فقدوا القدرة على معاينة الله على الأقل أكثرهم، لأن النور يضيء في الظلمة والظلمة لا تدركه، هكذا الناس في ظلام غير مدركين نور الله. أما في السياسة فليس لي أن أنتقدها لأن نقدي لن يكون مبني على أي درجة من المنطق بما أنني لا أفهمها، لكن رؤيتي إلى إنسان اليوم، نظرة أبٍ إلى ولده، إنسان اليوم متتبع بكثرته، وقائد بأقليته، لأن القيادة لم تعطى لكثيرين وهي موهبة من الله عزّ جلاله، المعطي بسخاء، المشرق على الأشرار والصالحين. انسان اليوم يفتكر بأن له فكر ورأي سياسي، وما السياسة إلا تعرفة أعطيت في البدء لمن أعد خطة لتحقيق هدف ما وسياسته تكون كيفية الوصول إلى هدفه وهي ما ترجمته POLICY لكن إنسان اليوم حورها إلى سياسة ما ترجمته POLITICS وهو ما يتبعه أرباب الناس لتحقيق غاياتهم. قلت أرباب، لأن هكذا إنسان اليوم إما تبعية أو في القيادة، وبقية الناس الذين مثلي لا يفقهون لعبتها لكن عكسي، يلعبونها هم خاسرون في الدرجة الأولى. منهم من تعبد لها، "إنما الحاجة إلى واحد"، ومنهم من فضّلها في كثير من الأحيان على ساعة صلاة أو خمس دقائق مطالعة أو حديث ينفع الجميع، الكثيرون يتتبعونها، يتسمرون على شاشات التلفزة كل يوم، يطوفون الشوارع، يعقدون الجلسات، ومن أجل ماذا؟ من أجل من؟ "أغفر لهم يا أبتي لأنهم لا يدركون ماذا يفعلون" وإن كانوا يدركون...